***************
***************
***************
***************
***************
***************
***************
عن المدون
- حزين عمر
- نائب رئـيس تحريـر جريــدة المســاء ـ شاعر وناقد وكاتب مسرحى شهير
كلام مثقفين - الرماديــون!!
10:50 ص | 
مرسلة بواسطة
حزين عمر
كلام مثقفين - الرماديــون!!
"حزين عمر" الأربعاء 1 فبراير 2012
بعد عدة أشهر من شبوب الثورة. عاد أحد أصدقائي من عمله بدولة خليجية. وقد استراح من أعباء الحاجة اليومية واللهاث وراء لقمة العيش.. وكان منذ تنحي الطاغية يتابع عبر وسائل الإعلام صعود التيار الليبرالي وتيارات الاستنارة والتحديث والديمقراطية بصفة عامة. وبمجرد عودته راح يتردد علي التجمعات ـ سواء في ميدان التحرير أو غيره ـ ويطلق عبارات بعينها من قبيل: "احنا لما كنا في الميدان يوم 25 يناير..". و "كان صمودنا عظيما في واقعة الجمل".
و"بصفتنا ثوارا فنحن نرفض كذا". و"أنا كرجل ليبرالي رأيي في هذا الموضوع .. " .. وظل مع هذه "الليبرالية" "العميقة" يتابع تقلبات التربة السياسية. وتصدر تيارات. وتراجع تيارات. وبروز جماعات انتهازية وأفراد انتهازيين وتحالفات شتي.. ثم مع الانتخابات البرلمانية وسيطرة تجار الدين علي الواقع السياسي الذي صنعه غيرهم.. راح صديقي يختفي أياما ويعود وقد نبت شعرلحيته. الآن ولديه لحية "عليها القيمة"!! ورسم علي جبهته زبيبة تشبه زبيبة السادات!!
صديقي الآن يتردد علي التجمعات والميادين مرددا عبارات من قبيل: "هذا الأمر مخالف لروح الإسلام". و"أنا كإنسان ملتزم. ديني لا يبيح لي كذا..." و"نحن كسلفيين وتيار إسلامي نفعل ما نؤمر به من خالقنا".. وهو حريص الحرص كله علي أن يبدأ كلامه بالبسملة والصلاة علي رسول الله صلي الله عليه وسلم!!
صديقي هذا حالة فردية جماعية عامة في الوقت نفسه.. وليس هنالك أطرف من أن ترصد هؤلاء المتحولين في كل التيارات والأطراف. وتحدث هجرات جماعية من أفكار لأفكار.. فنري مثلا الإخوان يتحدثون عن الحريات العامة وحرية الفن والإبداع والسياحة. ويتحاورون مع أمريكا ـ والأخت الكبري لإسرائيل ـ علنا. وكان من قبل حوارهم سرا. ويتبنون خطابا مستنيرا. وشيئا فشيئا هم ومن يسمون أنفسهم سلفيين. سيجلسون مع العدو الصهيوني. ويتفاوضون معه. ولن يلغوا اتفاقية كامب ديفيد ولا اتفاقية الكويز ولا أية اتفاقية مع الأعداء!!
هذه التحولات. علي المستوي السياسي. ليست سيئة.. فهي تعني أن هناك حوارا مجتمعيا دائما. وتأثيرا وتأثرا بين جميع التيارات. وأن كل السري والمكنون داخل الطرق والجماعات قد ظهر علي السطح. وأن مصر الوسطية المعتدلة أكبر من كل اتجاه. ومن كل تيار. ومن كل تبعية لوهابيين أو إيرانييث أو أمريكيين أو صهاينة.
وإذا كنا قد اعتدنا أن نسمع مصطلحات: التيار الإسلامي أو التيار السلفي أو الاتجاه العلماني أو الليبرالي أو الوسطي. فإن مصطلحا جديدا يمكن أن نصكه الآن وهو "التيار الرمادي"!! فقد تداخل فيه اليمين واليسار والوسط والديني والعلماني والليبرالي.. وكل اتجاه يأخذ من الآخر ويعطي.. إنه تلاقح أو تراسل الاتجاهات والأفكار.. وهو علي المستوي الفني والفكري ليس مستغربا. فتجربة تراسل الفنون مستقرة منذ عشرات السنين: القصيدة حافلة مثلا بالسمات الدرامية. من شخوص وأصوات وصراع . وفيها كذلك "القطع" السينمائي والاسترجاع أو الفلاش باك. وفيها أيضا "الكولاج" من الفن التشكيلي.. وهكذا..
وحدث لدي الغرب تراسل المذاهب السياسية منذ سقوط الاتحاد السوفيتي. فنري الآن أوباما يقر فكرة "العدالة الاجتماعية" وهي فكرة اشتراكية . ونري الصين تقيم أكبر اقتصاد حر ـ بعد أمريكا ـ في هونج كونج وشنغهاي.. فهل يتحول "التيار الرمادي" الي تجربة فكرية وسياسية مصرية نقدمها للعالم. كما قدمنا ثورة 25 يناير نفسها؟!!
وحدث لدي الغرب تراسل المذاهب السياسية منذ سقوط الاتحاد السوفيتي. فنري الآن أوباما يقر فكرة "العدالة الاجتماعية" وهي فكرة اشتراكية . ونري الصين تقيم أكبر اقتصاد حر ـ بعد أمريكا ـ في هونج كونج وشنغهاي.. فهل يتحول "التيار الرمادي" الي تجربة فكرية وسياسية مصرية نقدمها للعالم. كما قدمنا ثورة 25 يناير نفسها؟!!