سجل الزوار
Website counter
***************
***************
***************
***************
***************
***************
***************
***************
***************

عن المدون

صورتي
حزين عمر
نائب رئـيس تحريـر جريــدة المســاء ـ شاعر وناقد وكاتب مسرحى شهير
عرض الملف الشخصي الكامل الخاص بي
يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Provider

الأدباء الصحفيون.. صنعوا صروح الثقافة أشهرهم الطهطاوي وعبده والنديم.. ومعظمهم عملوا بـ "دار التحرير"

الأدباء الصحفيون.. صنعوا صروح الثقافة أشهرهم الطهطاوي وعبده والنديم.. ومعظمهم عملوا بـ "دار التحرير"
 
حزين عمر
 
 هكيل عظمي متهاو. أو ركام بلا معالم. ستصبح حياتنا الأدبية طوال القرنين الماضيين. إذا جردناها من "الأدباء الصحفيين".. لا لأن الصحفيين الأدباء يتلقون الوحي من السماء. بل لأن مهنتهم مهنة ثقافية. ترتبط بالمعرفة وتراكمها وتداولها. وبالاتصال بالتراث القومي والعالمي. والتواصل كذلك مع مستحدثات الحياة في الآداب والعلوم والفنون.. ومن مجمل هذه الحياة المهنية الواسعة تتشكل شخصية الأديب الذي يعمل بالصحافة. التي أصبحت خلال هذين القرنين.. التاسع عشر والعشرين أهم وسيلة نقل للإبداع الأدبي شعرا وقصة ورواية ومقالة إلي الجمهور الواسع.. حتي إن فنا مثل القصة القصيرة لم ينشأ ويذيع إلا من خلال الصحف. سواء أكانت عربية أم في شتي أقطان العالم.

نسوق هذه الحقيقة بعد أن أثارت إحدي الندوات التي عقدت في فرع اتحاد الكتاب بالشرقية مسألة تأثير الأدباء الصحفيين علي الواقع الثقافي. وجري إيراد هذا الرأي لا علي سبيل الاستحسان. بل الاستهجان!! وكان يمكن أن يطرح الأمر لو أن هنا - في بلادنا العربية - مهنة تسمي مهنة "الأديب" يستطيع أن يقتات منها ويعيش كما يعيش البشر.. لكن الأدب باب مفتوح تدخل منه كل المهن والحرف ابتداء عن "دبشة الجزار" وعدد كبير من النجارين والبويجية والنقاشين والسمكرية. وانتهاء برئيس وزراء مصر أيام الثورة العرابية: محمود سامي البارودي.. وما بين هذا وذاك هنالك الصحفي والطبيب والمدرس والموظف والتاجر والضابط والمهندس وأستاذ الجامعة والمزارع ورجل الأعمال والسياسي والممثل.

وربما يتساءل البعض: وماذا لو حذفنا من خريطة الأدب طوال هذين القرنين كل الصحفيين. هل ستخرب الدنيا؟! لنعد إذن إلي هؤلاء الصحفيين الأدباء الذين مارسوا هذه المهنة فعلا. وعاشوا منها. وتأثروا بها. وأثروا في الآخرين من خلالها. لنري طلائعهم الأولي متمثلة في رؤساء تحرير جريدة الوقائع المصرية الرواد الثلاثة: رفاعة رافع الطهاوي ومحمد عبده وعلي مبارك. ومن معهم من محرري هذه الجريدة.. ثم العلامة البارزة والكبري في تاريخ الصحافة والثقافة والسياسة معا: عبدالله النديم. ثم الموجة التالية التي يمثلها علي يوسف رئيس تحرير المؤيد. ومصطفي كامل وصحيفة اللواء. وجورجي زيدان مؤسس الهلال ورئيس تحريرها. ثم فكري أباظة.

وهناك نخبة من كبار أدباء الصحفيين الذين عاشوا فترة ما قبل ثورة يوليو. وما بعدها وتبوأ بعضهم منصب رئيس التحرير مثل د. طه حسين رئيس تحرير "الجمهورية". وكامل الشناوي رئيس تحرير "الجمهورية". ومن صحفيي "دار التحرير" الأدباء الكبار إسماعيل الحبروك وبيرم التونسي وعبدالرحمن الشرقاوي ويوسف إدريس ولويس عوض وعبدالمنعم الصاوي الذي كان رئيسا لمجلس الإدارة ورئيسا لتحرير الجمهورية وتولي وزارة الثقافة والإعلام معا ويحيي حقي الذي ظل حريصا علي الكتابة في "المساء" حتي لحظاته الأخيرة.

غير هؤلاء الرواد والمؤسسين لمؤسساتنا الصحفية الكبري. قامت كل الهياكل الأدبية الراهنة علي أكتاف الصحفيين.. فاتحاد الكتاب أنشأه يوسف السباعي وتولي رئاسته توفيق الحكيم وثروت أباظة وسعدالدين وهبة الذي بدأ حياته صحفيا بـ "الجمهورية" وحصل علي عضوية نقابة الصحفيين منها. قبل أن يتفرغ للعمل بوزارة الثقافة والإبداع المسرحي.. وفي إحدي جلساتنا أخرج لي بطاقة عضويته القديمة بالنقابة وهي يفتخر بها. ويسأل عما إذا كان يمكنه الحصول مجددا علي عضوية نقابة الصحفيين بعد سنوات طويلة من الانقطاع عنها!!

لنعد إلي طرح السؤال مرة أخري: أتكون لدينا حياة ثقافية إذا انتزعنا هؤلاء من سياقها؟! إن الصحافة هي الحاضنة للأدب. وبدونها سيبقي مبتسرا وربما يلفظ أنفاسه. خاصة إذا رصدنا التغيرات الراهنة والمتمثلة في "الصحافة الإلكترونية" والتي تعوض إلي حد ما. انصراف القراء عن الصحف الورقية. وكذلك التحول التدريجي الذي انتاب صحفنا من صحف ثقافية بالمعني الواسع. إلي صحف تكره الثقافة وتحجمها وتنفيها. وتظن صفحاتها زائدة دودية ينبغي بترها.. وهذا تحد كبير للثقافة القومية. وعبء كذلك يتحمله مباشرة محررو الأدب والأدباء الصحفيون. ولا يدركه الأدباء الآخرون خارج هذه الدائرة.. إن محررو الأدب في كل صحف مصر خاصة. أصبح في حالة رباط دائم وكفاح مستمر من أجل الحفاظ علي ما تبقي من مواطئ أقدام للإبداع الأدبي وقضايا الثقافة في صحفنا اليومية والأسبوعية.. أما الإصدارات المتخصصة كمجلة "الهلال" فتعاني نوعا آخر من المعاناة يتمثل في التضييق المالي عليها.. فمكافأة المقالة أو القصيدة أو القصة حين نشرها حوالي عشرين جنيها!! أي ثمن كيلو طماطم

ما نشهده الآن من تأثير للأدباء الصحفيين في مجريات الأمور الثقافية. بقايا دور قديم كان عظيما. وكان مفيدا للوطن حين ازدهاره. وتم توظيفه دائما لخدمة القارئ والمثقف والمبدع لا لخدمة الأشخاص.. والحفاظ علي هذا الدور - أو ما تبقي منه - حفاظ علي ثقافتنا ومنافذ الضوء لها.

مؤتمر المثقفين تحت سيطرة الموظفين..

حزين عمر
حالة من التفاؤل كانت تسود أوساط المثقفين المصريين. قبيل انتخابات اليونسكو الماضية. وكان المرشح المصري الفنان فاروق حسني ومن معه من مساعديه هم أصحاب الإيحاء بهذه الحالة.. وظن الكثيرون أن الأمر أصبح محسوما لمرشحنا منذ الجولة الأولي.. وتحت تأثير هذا الإحساس جري حوار بين بعض قيادات اتحاد الكتاب بشأن الواقع الثقافي الرسمي بعد غياب فاروق حسني عنه وانتقاله إلي باريس. وأهمية أن يتولي هذا الموقع أي وزارة الثقافة واحد من المنتمين للبيئة الثقافية وليس دخيلا عليها ليكن أديبا أو موسيقيا أو فناناً تشكيليا.. المهم أن يكون ملما بالواقع الأدبي وبالكيانات الجماهيرية الشعبية القائمة وباهتمامات المثقفين واحتياجاتهم وانتماءاتهم المتعددة.

واستطرد المتحدثون في رؤاهم حتي وصلوا إلي أهمية عقد مؤتمر للمثقفين فور رحيل فاروق حسني إلي باريس. يطرح من خلاله تصوراتهم حول تلافي الأخطاء المدمرة والكثيرة التي وقعت فيها الوزارة وبعض رموزها. والتي دفعت ببعض هؤلاء الرموز إلي السجون. ودفعت بآخرين إلي الجلوس في بيوتهم. وهرب آخرون إلي خارج مصر.. كما كان ضحيتها عشرات من المبدعين الذين احترقوا في بني سويف.

المؤتمر الذي كان يولد لأول مرة كاقتراح. كان عليه كذلك أن يصنع خططا مستقبلية للنهوض بالثقافة القومية. التي تعد عماداً أساسيا للهوية القومية. ولا خير في أن يطرح بعض الأسماء كمرشحين لتولي وزارة الثقافة مع ضرورة أن يزيل الجفوة بين العمل الثقافي الرسمي وبين مئات وربما آلاف المبدعين الذين لا يتعاملون مع الجهات الثقافية الرسمية. ويرفضونها.

وفي ظل هذا التصور رأي المتحدثون من مجلس إدارة اتحاد الكتاب. وهم جالسون في مقرهم بالقلعة. لرمضان قبل الماضي. أن مؤتمر المثقفين هذا ينبغي أن يعقد من خلال كيانات شعبية جماهيرية منتخبة. مثل اتحاد الكتاب. ونقابة الصحفيين ونقابة التشكيليين والتجمعات الأدبية والمستقلة. وغيرها بعيداً عن أية كيانات رسمية تحد من إنطلاق الأفكار. وتسعي لتوظيف هذا التجمع لصالح فرد بعينه أو تصب في خانة "تدجين المثقفين"!!

بقي هذا الاقتراح كلاما شفاهيا. حتي فوجئنا بتسربه إلي خارج هذه الجلسة خلال أيام. ثم بدأ يتردد علي لسان الفنان فاروق حسني وخاصة بعد حسم معركة اليونسكو لغير صالحنا.. لكن ما تردد علي لسان الوزير حول المؤتمر لم يكن هو المطروح في الفكرة الأصلية.. فالمثقفون الذين قصدهم الوزير وراح يؤكد عليهم هم الملتفون حوله فقط. والعاملون معه. والموظفون في الهيئات الرسمية وشبه الموظفين كذلك ممن ينضوون تحت عباءة المجلس الأعلي للثقافة.. والوزير بالنسبة لهؤلاء جميعا هو رئيسهم المباشر أو غير المباشر.. كما أن أيا من هؤلاء الأساتذة الأجلاء المحترمين ليس ممثلا للرأي العام الأدبي ولا الثقافي باستثناءات قليلة ويضاف إلي هؤلاء من يعملون مستشارين أو رؤساء تحرير إصدارات صحفية ثقافية بالوزارة يتقاضي كل منهم مبالغ شهرية ضخمة.

هؤلاء هم المثقفون الذين حصر الوزير فيهم مهمة عقد المؤتمر وبدأ يلتقي بهم في لجان للإعداد والتجهيز. مما استفز فريقا آخر من المثقفين غير المستفيدين من الوزارة وإنعاماتها وإقطاعياتها ليعلن عن عقد مؤتمر مواز للمؤتمر الرسمي.. بصرف النظر عن ضرورة عقد هذا المؤتمر والمؤتمر الموازي من عدمه.. فما دام الأمر كله قد انحصر في التشكيل الرسمي فلن يخرج بجديد. لأن مثل هذه المؤتمرات التي تنظمها الوزارة لا تكاد تتوقف شهراً مؤتمرات في هيئة قصور الثقافة ومؤتمرات في المجلس الأعلي للثقافة. ومهرجانات للسينما والمسرح والكتاب وكل شيء تقريبا.. فما الفارق بينها وبين ما يجري التجهيز له حاليا؟!

مثل هذا المؤتمر لن يحظي بحرية التوجه واستقلالية الفكر والمؤتمر الموازي يعد كذلك مجرد رد فعل وبرغبة في المعاندة والتحدي!! فما دام البعد المؤسسي الشعبي قد غاب عن الطرفين.. فليس من المنتظر الخروج بجديد ومفيد.. فماذا يستطيع "مثقفو الوزير" أن يفعلوا لوقف الفساد في أية هيئة تابعة للوزارة؟! وماذا في أيديهم بشأن هذا الفراغ الكبير في قيادات الصف الثاني بكل الهيئات. حتي إن هيئة واحدة كقصور الثقافة سيحال وكيل وزارة بها إلي التقاعد خلال أسابيع وشهور قليلة. ولا بديل لهم بعد التجريف الدائم والمتعمد للقيادات الجديدة صاحبة الرأي المستقل. أو تحجيم هذه القيادات القادمة ووأد حقها في الترقي بجلب آخرين من خارج الوزارة وفرضهم رؤساء عليهم بدون كفاءة ولا أية مبررات منطقية وواقعية؟!

هل يستطيع المؤتمر الرسمي أن يتخلص من قائمة المستشارين والمنتفعين من وزارة الثقافة وتوفير مئات الآلاف التي تنفق عليهم شهريا؟! من يستطيع حل هذه المشكلات وإنجاز هذه المهام هو وزير الثقافة وحده. صاحب السلطة بحكم القانون.. وهذا يعني أن جمع هؤلاء المثقفين بصرف النظر عن اختلاف تعريف المثقف وغير المثقف ليس بهدف حل أية مشكلة قائمة وليس من اختصاصهم وهم لا يعبرون عن الرأي العام الثقافي وليسوا منتخبين من أحد أن يخططوا للثقافة القومية في الفترة القادمة فهذا حق أي وزير قادم وكل ما يوصون به ليس ملزما لأحد.. إذن هذا الحشد لا شك في أنه له أدوارا أخري وأهدافا يعرفها منظموه خاصة أنه جاء ونحن علي أبواب تغيير وزاري بعد الانتخابات العامة القادمة.. فعلي مدي أكثر من عقدين من الزمان لم يفكر أحد في جمع المثقفين وحشدهم هكذا.. لماذا الآن إذن يعقد في الوقت الضائع؟!!
ــــــــــــــــــــــ
نشر هذا الموضوع بجريدة المساء الاثنين22 نوفمبر 2010

أنشأ هذا الموقع ويحرره الكاتب الأديب مجدى شلبى 01008784120