***************
***************
***************
***************
***************
***************
***************
عن المدون
- حزين عمر
- نائب رئـيس تحريـر جريــدة المســاء ـ شاعر وناقد وكاتب مسرحى شهير
يتم التشغيل بواسطة Blogger.
Provider
كلام مثقفين!! سلوم .. وطه حسين!!
7:59 ص |
مرسلة بواسطة
حزين عمر |
تعديل الرسالة
كلام مثقفين!! سلوم .. وطه حسين!!
"حزين"
جريدة المساء الأربعاء 11 مايو 2011
كما لو كان الأمر قرباناً يقدم للثورة أو الوطن: حينما يقع الحدث العظيم. أو الثورة الكبري. يتصرف في هدوء - وربما في تجاهل - رمز من رموز الحياة الثقافية. أو واحد من أبنائها المعروفين.. فبينما كان الشعب ينشغل بعودة سعد زغلول من منفاه. تلبية لمطالب ملايين المواطنين من الهاتفين لحرية الوطن واستقلاله ومن الراحلين ثمناً لهذه الحرية. كان سيد درويش يتهاوي جسده الأخضر الذي لم تكن ترويه كل متع الحياة. بل تزيده عطشاً وإقبالاً عليها. شأن كل العباقرة في التاريخ البشري.. لم ينشغل الناس. ولا انتبهوا حينها لخفوت صوت الشعب وتوقف إحدي نبضات الوطن.. وذهب سيد درويش - مؤقتاً - ضحية الزعيم سعد زغلول وفرحة عودته.. حتي استفاق الوجدان الوطني وأنزل مطرب الشعب منزله من الخلود.
بعد عدة عقود سكتت النبضة الواهنة الأخيرة من قلب عميد الأدب العربي طه حسين. واستسلم لأول مرة في حياته لنازلة النوازل. ولم يملك أمامها جدلاً ولا رداً ولا تشكيكاً طبقاً لمنهجه الديكارتي في كتابه الشهير "في الشعر الجاهلي".
بعد عدة عقود سكتت النبضة الواهنة الأخيرة من قلب عميد الأدب العربي طه حسين. واستسلم لأول مرة في حياته لنازلة النوازل. ولم يملك أمامها جدلاً ولا رداً ولا تشكيكاً طبقاً لمنهجه الديكارتي في كتابه الشهير "في الشعر الجاهلي".
في لحظة التسليم الأولي والأخيرة لهذا العملاق "البصير" كان تسليم آخر يحدث علي جبهات القتال بين مصر وعدوها: الصهاينة. وقد نزلت عليهم نازلة النصر المصري. واقتحمهم جيشنا اقتحاماً: اقتحم حصنهم. وغرورهم. وغطرستهم. ومطاراتهم ونفوسهم.. وعلا صوت النصر علي كل صوت. ولو كان حشرجة هذا العملاق في معالجة الموت.
في تلك اللحظات الفاصلة في حياة أمتنا العربية اختفي جسد طه حسين. ولم تشيعه الملايين. ولا إذاعات العالم.. لأن الشعب حينها كان قد شبع حزناً - اثر النكسة - وكأنه يهرب من أي حزن آخر. خاصة إذا كان الراحل يستحق كل الأحزان.
منذ أسابيع قليلة دارت الحياة بواقعة مشابهة وان اختلفت الأسماء والقامات.. فقد ودع عدد من الأدباء صديقهم وصديقنا الزجال شفيق سلوم. ونحن جميعاً منهمكون في حصر سرقات الحاكم المخلوع حسني مبارك. وسرقات أهله. وسطو عصابته ممن حملوا لقب "وزير" و"رئيس وزراء" ورئيس كذا وكذا.. ونحن منهمكون في حصر عدد شهداء ثورتنا العظيمة في 25 يناير. وعدد مصابيها. وعدد من أجرموا ومن حاولوا إخمادها.. والأدباء في هذا المجال جزء من الشعب. يتابعون ما يتابع. وينهمكون فيمن ينهمك به.. فمن إذن سيتذكر زجالاً وطنياً متمرداً وساخطاً علي الفساد مثل شفيق سلوم؟!!
لقد تغيرت كل الأحوال التي ظل سلوم ساخطاً عليها. تحولنا من القهر والاستبداد واليأس إلي الحرية والعدل والمساواة والأمل والأفق المتسع باتساع الحياة كلها.. وكأن القدر يقول لشفيق سلوم: لم يعد لديك ما تكتبه. فمصر الآن حرة.